الحراك يراهن على عامل الوقت .. والسعودية سمحت بإقامة دوريات رياضية للجنوبيين يرفع فيها العلم الشطري
يمنات
عبد الخالق الحود
لقاءات و زيارات عديدة أجرتها مؤخراً قيادات جنوبية في عدد من بلدان العالم، بينها رئيس الوزراء الجنوبي الأسبق، حيدر العطاس، الذي زار في غضون أسابيع الولايات المتحدة الأمريكية، والتقى في موسكو بشخصيات سياسية ومسؤولين روس، قبل أن يعرج على دول أخرى في المنطقة بينها مصر والإمارات.
و لم تتأكد نتائج زيارات العطاس وماهية الملفات التي ناقشتها، غير أن معلومات تسرّبت تفيد بأن فحوى لقاءاته كانت القضية الجنوبية وإمكانية حلّها على ضوء التطورات الأخيرة التي أنتجتها الحرب.
و لم تمنع روسيا، التي تعاني حساسية مفرطة تجاه دعوات الانفصال لحساسية الوضع الداخلي لديها و تصاعد دعوات مماثلة للانفصال عنها، مسؤولين في وزارة خارجيتها من الجلوس والاستماع إلى شرح مفصّل عن القضية الجنوبية، متضمناً محاور ونقاطاً تخصّ العلاقة المتينة بين روسيا وجنوب اليمن في عهد الاتحاد السوفيتي، قدمته قيادة الجالية الجنوبية في روسيا.
و أكد الوفد أن “انفتاحاً وتفهّماً طرأ مؤخراً على الموقف الروسي تجاه قضية الجنوب، حيث قابل – ولأول مرّة – مسؤولون روس في وزارة الخارجية وفداً يمثل الجالية الجنوبية في روسيا ونشطاء من الحراك الجنوبي بشكل علني”.
عصا خليجية
تحركات مماثلة يقوم بها ناشطون من الحراك الجنوبي في الداخل والخارج. حراك يعزوه متابعون للشأن الجنوبي إلى بداية انفراج دولي وإقليمي باتجاه التعاطي مع مطالب الجنوبيين باستعادة الدولة التي كانت قائمة حتى العام 1990م، باسم “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” كدولة مستقلة ذات سيادة.
و تقول مصادر جنوبية، لـ”العربي”، إن ثمة “امتعاضاً خليجياً، سعودياً تحديداً، من أداء أنصار الشرعية من أبناء الشمال، واعتقاداً لدى المملكة بأنهم يمارسون تجاهها ما يشبه الابتزاز عبر سياسة لي الذراع، من خلال عدم الجديّة في حسم المعارك لصالح التحالف، على الرغم من أن تلك الجهات ذات توجهات سياسية وأيديولوجية متباينة”.
و الجدير ذكره أن السعودية سمحت للجالية الجنوبية في عدد من مدنها الرئيسة بإقامة مسابقات رياضية و رفع علم الجنوب في مدرجات الملاعب التي احتضنت تلك المسابقات، هي التي كانت قبل قيادتها لتحالف يخوض منذ 19 شهراً حرباً ضروساً في اليمن تُطبّق عقوبات قاسية تصل حد الترحيل، لمن يثبت دعمه للحراك الجنوبي مالياً وسياسياً من أراضيها.
تكتيك
جميع هذه التحركات تبقى في إطارها التكتيكي السابق، ودون موقف واضح وصريح صادر عن جهات يُعتدّ بها. لكن “التعويل على الأرض، وحقيقية أن الجنوب بات محرراً ولا ينقصه سوى الاستقلال السياسي المفضي إلى اعتراف دولي به كدولة مستقلّة ذات سيادة، هذا ما نبني عليه الآن”، يقول لـ”العربي” مسؤول جنوبي رفيع، مضيفاً أنه “بعيداً عن الزعيق والفبركات الإعلامية التي يعتقد أعداء الجنوب أنهم عبرها سينجحون في العودة إلى الجنوب من بوابة الشرعية، و هم لا يريدون مواجهة أنفسهم بحقائق أفرزتها الحرب، وأهمها أن الجنوب بات بيد أبنائه وهو يسير قُدماً باتجاه بناء قدراته العسكرية والدفاعية بمساندة التحالف العربي، بينما يسير الشمال عكس ذلك تماماً، فهو يتهاوى يومياً ويقاتل بعضه بعضاً ويتآكل في نسيجه المجتمعي متجهاً بسرعة الصاروخ نحو سيناريو احتراب طويل وطويل جداً، حيث باتت جميع أطرافه ونخبه السياسية وحتى قياداته العسكرية لا تملك قرارها، لأنها ببساطة أضحت أدوات بيد لاعبين إقليميين ودول كبرى تصفي جانباً من حساباتها على أراضيه”.
و يتابع “صحيح أننا نتعثّر في خطواتنا بفعل بقايا الحفر التي خلفتها قوى الاحتلال وبقايا الدولة العميقة التابعة لصالح، لكن هي مسألة وقت، ومن تمكّن من هزيمة عناصر الإرهاب وتنظيماته الدولية قادر – بإذن الله – على تجاوز تلك الصعاب وردم الحفر والقفز فوقها نحو مستقبل جنوبي مزدهر”.
معركة قادمة لا محالة
و يستدرك المسؤول الجنوبي بقوله “أنا لا أتشفى بأبناء الشمال – إطلاقاً – كما قد يُفهم من حديثي، بل ونتمنى لهم الخير والسلام، ونحن لن نخذلهم أبداً ما داموا يحترمون حق الجنوبيين المكفول بالمواثيق الدولية بتقرير مصيرهم، وهو اعتراف أدبي الآن، حيث بات الجنوب بيد أبنائه وأي مشكلة يتم تهويلها عن وجود خلافات عميقة بين الجنوبيين تندرج في إطار نواح بعض نخب الشمال على اللبن المسفوح”.
و يؤكد “(أننا) نستعد لمعركة قادمة لا محالة، ونضع في اعتبارنا أسوأ الاحتمالات تلافياً لأخطاء الماضي، و سننتصر فيها بإذن الله كما انتصرنا بعون الله في الحرب الأخيرة”.
و رأى المسؤول الجنوبي الرفيع، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن “الوقت الآن هو وقت إعداد وعمل عسكري تحديداً”، معتبراً أن “أي تحركات باتجاه تكوين أو تشكيل تكتلات جنوبية تأتي من باب سباق الزمن، وسعي بعض من أبناء الجنوب إلى تسجيل الحضور في المشهد”.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا